الثلاثاء، 23 مارس 2010

أيها السحرة: إبتعدوا عن السعودية

::
عندما قُيّد لويس ديبيراز بالعمود المثبت خصيصاً لتنفيذ طقوس الحكم الصادر بحقه،  وأُضرمت النيران في الأخشاب المكوّمة تحت المنصة التي يقف عليها لتلتهمه حياً،  كانت هذه آخر حالة إعدام رسمية سجلها التاريخ لشخص أدين بممارسة السحر في أوروبا والذي كان عقابه،  حسب تعاليم الكنيسة ذاك الوقت، حرق المذنب حياً.

وقع هذا الحدث في ليون بفرنسا عام 1745 من القرن الثامن عشر،  وبالرغم من أن المحاكمات بتهمة السحر إستمرت بعدها كحالات قليلة متفرقة في أوروبا،  إلاّ أنه لم يُصدر أي منها الحكم بالإعدام لأي متهم،  بل اقتصرت على الإدانة بالسجن،  ثم ألغيت قوانينها نهائياً من التشريعات الجزائية في جميع الدول الأوروبية حيث كانت النمسا آخر دولة تزيلها من لوائحها القانونية في عام 1778.

وينظر المؤرخون والأكاديميون إلى أن أسباب إلغاء القوانين المعنية بالسحر جائت كنتيجة حتمية بعد عقود من العصر التنويري الذي اكتسح أوروبا ذاك الوقت وانتعشت فيه الثقافات الفلسفية والعلمية وبرزت فيه الحركات الداعية إلى تبنّي أسلوب التفكير "العقلاني" وإقصاء الدوغمائية الدينية من تأسيس الأنظمة الشرعية.  كانت هذه الموجة التنويرية التحديثية من أهم العوامل التي تسببت في تقهقر الكنيسة وتضعضع نفوذها ومن ثم إطفاء الفتيل الذي كان يُشعل نيران الحرق لكل من أشتبه في ممارسته للسحر.

ورغم أن العالم الآن،  بمشارقه ومغاربه،  قد خلّف فضلات جهله النتنة تلك في ماضيه المظلم الغابر لتدفنها مجارف الزمن في مقابر الخزي والعار،  إلاّ أن بعض المجتمعات الصحراوية لاتزال تنثرها طازجة على رمالها اليوم بنفس سلطة كهنوت تلك العصور ليتمرغل عليها من لازال ينادي بمسح الغائط بالحجارة والإغتسال بالتراب وقتل السحرة.  وأين تسمع هذه النداءات بالتحديد؟  تسمعها من على كل منبر ولكن تجد محورها يدور في المهد الذي احتضن العقيدة التي تقيأت بها.
::

يجلس الآن المواطن اللبناني علي حسين سباط في زنزانة سعودية،  بعيداً عن زوجته وأطفاله الخمسة الذين لم يراهم أو يروه منذ سنتين،  يراقب إنحسار الدقائق والساعات في انتظار مقيت لتنفيذ حكم الإعدام الصادر بحقه بعدما أدانته محكمة المدينة  في السعودية بممارسة السحر.  وقصة علي سباط ليست الأولى من نوعها في وكر الوهابية هذا،  فحسب تقارير منظمة هيومان رايبس ووتش  فقد أعتقل مرضى العته الوهابي الملقبين بهيئة الأمر بالتخريف والنهي عن التحديث إثنان آخران بنفس التهمة خلال الشهر الماضي وحده.  ولكن قصة سباط بالذات تُظهر مدى وحشية واستبدادية النظام القضائي السعودي المتمخض عن عقيدة سايكوباثية في جذورها :

  • أولاً:  هذا المتهم ليس مواطن سعودي،  ولايسكن في السعودية،  ولم يرتكب الفعل المدان به على أراضي سعودية،  فلماذا أعتقلته الكهنة الوهابية من المطار عندما هم بالدخول إليها لأداء العمرة؟  هل لأن إصطياد الأجانب،  لتقديمهم كقرابين لآلهتهم المتعطشة للدماء، أسهل ؟

  • ثانياً: الأدلة التي استندت عليها محكمة السنافر تلك في إدانته تخلو من أي قيمة ثبوتية،  إذ لاتتعدى عن ظهوره في برامج تلفزيونية سُجّلت وبُثت خارج النطاق القضائي السعودي وليست مدعمة بأي جهة علمية مستقلة لتأكيد مصداقيتها (السحرية).

  • ثالثاً: الإعتراف الذي انتزع منه،  لايستحق قيمة الورق والحبر الذي كتب فيه.  لأن ذلك الإعتراف قد حُصل عليه قسراً وخداعاً.  لامفاجائات هنا،  فالتلفيق والمراوغة والتعسف من سمات الورع عندهم. 

  • رابعاً:  وحتى لو ثبت أنه قد مارس مايُسمى "بالسحر" - على افتراض وجود تعريف له - فإن كان جهل عقلية العصور الغابرة يبرر عقابه الوحشي في الماضي،  فعصر العلم والتنوير اليوم يرفضه جملة وتفصيلاً.

  • خامساً والأهم من هذا كله:  إفهموا ياأمثال البشر،  ياروافض آردي وياأولاد آدم الخرافي،  أنه لايوجد شيئ إسمه سحر إلاّ في مصباح علاء الدين وفي عقولكم المريضة بداء العقيدة.  أنتم أدنتم ناس وزهقتم أرواحهم بتهمة قتل العنقاء،  فخرافة السحر كخرافتها،  ولايوجد دليل واحد يُثبت وجود قوة جنيّة أو شيطانية أو جحشية أو بغلية قادرة على رفع قشة من الأرض بتراتيل وتعويذات هاري بوتر التي تؤمنون بها،  ولو كان لهذا الهذيان أي مفعول لكانت السحرة هي التي تحكم العالم اليوم،  ولكنهم في واقع الحال لايتواجدون إلاّ في المجتمعات المتخلفة كمجتمعاتكم. أليست هذه ملاحظة جديرة بالتفكير ... إذا تمكنتوا من عصر قطرة منه؟

هناك 4 تعليقات:

غير معرف يقول...

ساحر يذهب لتادية العمرة، ليفاجئ بحكم الاعدام!
اليس السحر هو قدرة ميتافيزيائية خاصة بإله البقر

وبعد كل افعالهم المتخلفة والقبيحة والشريرة بشدة، يتبجحون ويقولون ان الغرب يعادي الاسلام لانه الدين الحق

سينتهي الاسلام لا محالة وسيذهب هو وتعاليمه البشعة الى مزبلة التاريخ التي ولن يشتاق اليه احد

اشكرك اخي بصيص على مقالاتك المميزة

basees@bloggspot.com يقول...

عزيزي Moral ،،

هناك أمل بأن الأديان سوف تتراجع وتنكمش وتتهمس مع تقدم العلم وانتشار المعلومات وتحضر المجتمعات ولكني ، للأسف ، لاأحمل أمل بأنها سوف تندثر. إلاّ إذا طرأت طفرة ميوتيشن على المخ تمنعه من تصديق مثل هذا الهراء.

أسعى أن أكون على حسن الظن دائماً
وتقبل تحياتي

rawndy يقول...

هلا بصيص

المناييك يؤمنون بالسحر بالعصر التقني ويخافن منه وقد قلت للعشرات منهم بالرياض والقصيم: اسحروني؟؟ فقالوا: لا نعرف
دلوني على ساحر؟: فقالوا : حرام؟؟؟

قلت ما أكثر السحرة المساجين والسحرة ببلاد الإسلام اجعوهم أمامي وأمام الكاميرات وخلوهم يحركون حجرة صغيرة أضعها فوق طاولة أو يمزقوني لمائة قطعة وأسامحهم؟؟ لكن لا جواب
سحر بالعصر التقني؟؟ظ بعارين

يجب على المنظمات الإنسانية عقاب مشاخخ السعودية

basees@bloggspot.com يقول...

عزيزي الراوندي ،،

أفواقك بأنه واجب، إن لم يكن قانوني فهو حتما إنساني، على المجتمع الدولي بأن يتدخل بكل إمكانياته ليوقف هذه الجرائم التي تُقترف بحق البشرية، وأن يطاردالمسؤولين عنها أينما تواجدوا ويحاكمهم كقتلة مجرمين. ولاأرى مبرر لسكوت المنظمات الدولية مثل هيئة الأمم عن هذا القتل الجماعي الذي يُقترف رسمياً بشكل متكرر ومفتوح تحت ذريعة خرافة إسمها الدين.

مع تحياتي