الخميس، 7 يونيو 2012

بكت السماء اليوم حزناً وقهراً

::

وأزيلت زينة الإحتفالات من أسقف وحيطان جنانها، ورفعت المأكولات عن موائدها، وأعيد النبيذ إلى أنهارها، وتفرق المحتفلون فيها، وخيم الصمت والحزن والكآبة على أجوائها. فما الذي حصل؟

امتنعت الحكومة الكويتية عن الإنظمام إلى منظمة غيستابو السماء، والتي تشمل دول متقدمة قمعياً ومتخلفة حضارياً كـ باكستان وأفغانستان وإيران، حين أعادت إلى البرلمان قانون إعدام المسيئ للذوات السماوية المقدسة، الذي تقيأه بعض النواب وغطس فيه أغلبية المجلس. فقد رفضت تصديقه بصيغته المقدمة إليها، كما كان متوقع، وذلك لأسباب دستورية وقانونية. 

وبذلك الرفض، أحبطت الحكومة الكويتية آمال القيادة السماوية في تعزيز أساليب العنف والبلطجة للذود عن قداستها، وبددت أحلام جلاوزتها على الأرض للثمالة من كؤوس الدماء التي كانت لتدور في حفلات الذبح والتنكيل بمخالفيها، فيما لو قُبل القانون. 

مما يعني أن السماء الآن، بآلهتها وكشاكيلها ومجنّحاتها ووسطائها وزوجات وسطائها وعيالهم وربعهم ونوقهم وحميرهم وعمائمهم ونعلهم وكل ماوصف بالمقدس، لاتزال ياعيني عليها معرضة للإسائة من قبل سكان جزيرة صحراوية صغيرة إسمها الكويت، موجودة في مكان ما على ذرة غبارية تحوم في خلاء الكون، فخّمتها وعظّمتها كائناتها الطينية بتسميتها: كوكب الكرة الأرضية. فقد ظلت السماء اليوم مكشوفة لقذائف النقد والسخرية بدون حماية حفنة من أعضاء فصيلة الكائنات الأرضية الملتحية لها.

وأتمنى أن تكون الحكومة قد مزقت أوراق هذا القانون البربري الوحشي ووضعتها في سلة الزبالة، وإرجعتها إلى المجلس بتلك السلة.

أما عن تهديد وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف، جمال شهاب، باستقالته من منصبه في حالة إعادة الحكومة لهذا القانون الدموي إلى المجلس، فإن صح الخبر وصدقت النية، أتمنى أن ينفذ الوزير المذكور تهديده ويذلف. لأن أي إنسان يشرع أو يوافق أو يصدق على قوانين وحشية وحاجرة وبلهاء كهذه لايستحق الإحترام وليس لديه السعة العقلية أو الروح الإنسانية لأن تهأله باستلام منصب رعاية مِعزَة، ناهيك عن منصب وزير دولة، وخصوصاً أن وزارته المؤقتة فائضة عن الحاجة وعالة على الميزانية (وزارة الأقاف).

وأتمنى أيضاً لو حذى حذوه أعضاء المجلس الذين وافقوا على تشريع هذا القانون، واستقالو كلهم، ليعتكفوا في المساجد ويتفرغوا للترنيمات والعبادات هناك، فيبدو أن هذا مايمهرون فيه فقط، ويريحوا الإنسانية منهم ومن شرور أفكارهم وأوساخ صدئها ...

ولإعفاء الكويتــ من نكبة تعليق لاحقة ــستان إلى مؤخرة إسمها.

* * * * * * * * * *

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

لديك حس أدبي بقمة الروعة، يحتوى على خليط من المعرفة والعلم ومن المجازات الجميلة.

شخصيا مؤمن أن أشد حالات الطغيان لدى الحكام العرب، هي أكثر رأفة من ديمقراطية المسلمين والإسلاميين.

فالطاغية قد يسامحك إذا اتبعته على الأقل، ولكن هؤلاء قد يأكلون في لحمك إذا قلت شبهة إلحاد أو حتى نقد للتاريخ المتخلف للإسلام.

ومع ذلك، أعتقد يا بصيص أن اهتمام حكام الكويت بالرأي الدولي، وبالاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها الكويت بخصوص حرية المعتقدات، هي السبب الأول.

أو ربما هناك حكمة لدى حكام الكويت، بمعرفتهم أن قرار من هذا النوع سوف يزيد من سقوطهم تحت أقدام حثالة الإسلاميين ورعاعهم.

basees@bloggspot.com يقول...

الأخ/ت الكريم/ة غير معرف/ة ،،

أشكرك ياعزيزي على كلماتك اللطيفة. وأتفق معك أنه ليس من مصلحة الكويت، أو أي دولة أخرى، أن تسلك خطاً معادياً للإتفاقيات الدولية، خصوصاً إذا كانت طرفاً فيها. ومن الواضح أن أعضاء المجلس الحالي قد تجاهلوا هذه الحقيقة بمحاولة تشريعهم لقوانين تنافيها.

ولكن هذا مايحدث عندما تطغي عواطف العقيدة الدينية على ماتقتضيه المصلحة العامة.

خالص تحياتي