الثلاثاء، 6 أغسطس 2013

تربية الأديان، ثقافة خائبة

::
في زيارة لي لصديق إنجليزي ذات مرة في لندن، سألت إبنه البالغ عمره 17 سنة، والذي كان يحضر لامتحانات هامة لدخول الجامعة ذاك الوقت، ما إذا كان قد حفظ تواريخ وأحداث مادة التاريخ التي كانت ضمن دراساته وامتحاناته، وعلقت كإضافة للسؤال على صعوبة حفظ كل هذه التواريخ وتسلسل الأحداث التي تكّون حقبة التاريخ المقررة عليه.

لم أدرس التاريخ إلاّ في مدارس الكويت، ففكرتي عن هذه المادة محصورة بهذه المرحلة، وما اتذكر منها أن دراستها هنا عندنا في الكويت تستهدف وتعتمد على حفظ الطالب لسير الأحداث وتواريخها والظروف والملابسات التي أدت إلى وقوعها، فالتاريخ كما أعرفه من المدارس هو في المقام الأول حفظ لما جرى من أحداث في السابق، والإمتحانات تعتمد على قوة ذاكرة الطالب واجتهاده في الحفظ ومدى إمكانيته في استرجاع وسرد تلك الأحداث وملابساتها بتواريخها الدقيقة.

هذه كانت انطباعتي عن مادة التاريخ وكيفية دراستها، ولكن رد إبن صديقي على سؤالي وملاحظتي أدهشني. قال لي لو أجبت على أسئلة الإمتحان بسرد الأحداث وتواريخها حفظياً لضمنت رسوبي، لأن الأسلوب والهدف الدراسي للتاريخ لدينا هنا في أنجلترا لا يريد تدوين مايحفظه الطالب من أحداث وتواريخها، بل يريد أن يختبر مدى فهم الطالب للملابسات والظروف والدوافع التي صنعت التاريخ وأن يحللها بنفسه ويبدي رأيه هو فيها.

التركيز على الفهم والتمحص والتحليل في الدراسات الأكاديمية الغربية يجري على جميع المواد المدروسة وليس على التاريخ فقط، ويعرفه كل من سنحت له الفرصة للدراسة هناك. توجد سياسة تربوية ثقافية متعمدة وواضحة تنتهج في المؤسسات التعليمية في البلاد المتحضرة تسعى للإبتعاد عن أسلوب الحفظ والتحفيظ والإسترجاع، وتميل إلى أسلوب التمحيص والتحليل لهدف الفهم والإنتاج والإبداع. هذه عكس السياسة الثقافية المنتهجة التي تخضع تحت أي سلطة دينية في المؤسسات التربوية. المؤسسة التربوية التي يسيطر عليها النفوذ الديني تشجع أسلوب الحفظ والترديد الجامد البليد وتقدم له المكافئات والجوائز: مسابقات حفظ القرآن وترتيله أفضل مثال، أسلوب تربوي ممتاز للكاسكوات، لا ينفع لتقدم البشر.

إبن صديقي نجح بامتياز في امتحاناته، والتحق بجامعة أدنبره في سكوتلندا، إحدى أفضل الجامعات في العالم. ماهو الإنجاز الثقافي الذي سيعتمد عليه دفع العجلة الحضارية في مجتمع هذه الطفلة الأندونيسية التي يهلل ويكبر ويفتخر المؤمنون لمهارتها الببغائية الفذة في ترديد عبارات ليست أنها لا تفهمها فحسب، بل استعصت حتى على جهابذة اللغة العربية في فهمها؟



* * * * * * * * * *

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

Excellent post Basees (as usual), you hit a nerve here!
Indeed, studying History is paramount for the sake of understanding the world and grasp the inner secrets of the human nature in order to make the world better and life sweeter on this planet …
Studying History is not simply bearing in mind a series of events and their corresponding dates without any attempt to use brain in order to understand how these events came to happen, and how human civilization shaped out and evolved through time and space
As a matter of fact, History studying can be very passion-stirring and it pays off cash: imagine one’s racking brain to understand how the Bolshevik revolution succeeded in Russia and the commune revolution failed in France, what factors allowed Britain to dominate the navy before dominion over world, why philosophy thrift in Germany, especially in Prussia alongside military expertise and industry, how religions evolved and spread out and their influences on societies and History generally speaking, why the Inca and Aztec marvelous civilizations couldn’t resist the conquistadors invasions, what led the USSR to collapse, how the democratization process ran in south America…
A treasury of events and lessons to learn from, by studying history and understanding the mechanisms and laws that govern the history to be able to predict and foresee the future events…
Unfortunately instead of following this efficient and rather entertaining method consisting on understanding history in our schools, we waste students time by learning dates, which makes history in our countries boring and pointless… what adds insult to injury, is that history in our country is brazenly falsified and full of lies and forgeries and approximations, especially when it comes to Islam, where History is replaced by legends and myths
 
 

م - د مدى الحياة يقول...

هو اسلوب شائع عند الشعوب الأسلامية وخاصة المتشددة والتي ترى من جريمة تحفيظ الأطفال للقرآن هو الغاية والهدف بحد ذاته قبل اي شيء آخر بسبب مافعله صلعم بعقول اجدادهم وحتى يومنا هذا عندما قال خيركم من تعلم القرآن وعلمه !!!! ، والنتيجة النهائية لذلك عندما يكبروا فنحن نجدهم وقد تحولوا الى مجرد مسوخآ ومسجل للحفظ ! بدون اي خبرات مفيدة التي تساعدهم على تنمية الخلايا الدماغية اللازمة لديهم وتنمية وصلات عصبية جديدة سوى قوة الذاكرة المجردة التي تساعدهم على الحفظ فحسب ! ، ولهذا فالملاحظ ان وجوه المتدينون القارئي القرآن وبشكل رئيسي يبدوا عليها البلادة والرجعية وعدم الحيوية ! ( فسيماهم على وجوههم ) ! وهذا على النقيض من المتعلمي اشياء اخرى مفيدة منذ الطفولة من ابداع وتشغيل الخلايا الدماغ العصبية عن طريق تفكيك الأجهزة وتركيبها كما يفعل الأطفال اليابانيين على سبيل المثال وكذلك الألعاب التي تنمي وتضع تحديآ للخلايا الدماغية لحثها على النمو والتطور وحل المسائل المعقدة التي تتطلب اشراك اكبر عددآ ممكن من الخلايا الدماغ العصبية وكذلك قراءة الكتب العلمية المفيدة وغيرها ، ولهذا فلا عجب من كون المسلمون بشكل عام ومعهم مقدسوا الفئران احد اكثر شعوب الأرض تخلفآ ورجعية وبل ربما حتى اسوء ماوجد في مجرة درب التبانة بكاملها ! .